روائيون يُعلقون على تتويج عيساوي بـ”البوكر”

تهاطلت، تهاني وتبريكات المثقفين الجزائريين على الشاب عبد الوهاب عيساوي ذو 35 ربيعا، بعد تتويجه بجائزة البوكر العربية هذا العام، والتي تنبأ بافتكاكها حسب بعض أصدقائه المقربين منذ سنة 2017.

بعدما أعلنت لجنة تحكيم جائزة البوكر العربية، عن إسم الرواية الفائزة بجائزتها في طبعتها 2020، توجه المثقفون الجزائريون بالتهاني الى الشاب الجزائري الوحيد الذي استطاع أن يفتك هذه الجائزة رغم مشاركات سابقة لخيرة الأسماء التي أنجبتها الرواية الجزائرية لكنها فشلت في الوصول حتى الى القائمة القصيرة للجائزة !.

عبد الوهاب عيساوي إبن الجزائر العميقة، أعاد تعريف “خريطة السرد” في البلاد، التي كانت عادة محصورة في الأدباء الأكثر حضورا في المنابر الاعلام، لكن وفي السنوات الأخيرة استطاع ُكتَاب “الهامش” أو الذين يعيشون بعيدا عن المركز والأضواء، من فرض ألياتهم السردية التي أبهرت المشرق والمغرب، بداية بكمال داوود الحائز على جائزة الغنكورالعريقة وليس انتهاءا بسعيد خطيبي الذي وصل بروايته “حطب سرايفو” إلى القائمة القصيرة للبوكر العربية وعبد الوهاب عيساوي المتوج بالجائزة في طبعتها لـ 2020.

يقول الكاتب والروائي الجزائري ناصر سالمي، بعدما هنأ صديقه عبد الوهاب عيساوي المتوج بجائزة البوكر العربية، أن هذا الأخير “وفي أكتوبر من عام 2017 بالدوحة في العاصمة القطرية قلت لي البوكر لي والنص موجود، فعلا صدق الشاب عيساوي بتنبؤه بالفوز بجائزة البوكر، لأنه يثق في الياته السردية الساحرة في الديوان الاسبرطي، التي أبهرت لجنة التحكيم وفتك من خلالها الجائزة في طبعتها الأخيرة.

لغة عالية وسردية فاتنة لجيل جديد

من جهته هنأ الروائي والكاتب أمين الزاوي، عبد الوهاب عيساوي بهذا الفوز الذي وصفه بالمستحق، معلقا عبر صفحته على الفاسبوك، بأن رواية الديوان الاسبرطي، “مكتوبة بلغة عالية وسردية فاتنة وذكية بعيدا عن الحشو والنفخ اللغويين، مسكونة بالاقتصاد اللغوي على الرغم من حجمها الكبير 384 ص..تقرأ التاريخ الجزائري والمتوسطي بكل عنفه غير منفصل عمّا يجري من حولنا في الراهن.”
فوز هذه الرواية حسب صاحب (السماء الثامنة) الذي كان ضمن لجنة التحكيم في الجائزة، “هو إعتراف بما حققته الرواية الجزائرية من تكريس لجماليات جديدة، من خلال الأسماء الجادة بعيدا عن عقدة الأجيال”.

أما الروائي والكاتب حميدة العياشي، والمستشار الإعلامي بوزارة الثقافة، فقد كتبت على صفحته عبر الفاسبوك قائلا “سعيد جدا بفوز عبد الوهاب عيساوي، الروائي الموهوب بوبكر العربية، بداية قوية لجيل الكتابة الجديد، تهاني الحارة لعبد الوهاب وللأدب الجزائري”.

في حين وصف الكاتب والناشر الجزائري، كمال قرور، فوز عيساوي بجائزة البوكر الأدبية، بالعرس الجزائري الكبير الذي لا ينبغي افساده بالسجلات الكلامية عبر مواقع الافتراض، وأشار قرور عبر صفحته على الفاسبوك، بأن “مشاركة ثلاث دور نشر جزائرية تهتم منذ مدة بالكتاب الأدبي خاصة، وتحتفي بالروائيين، هذا مهم للنشر في الجزائر، تتفقون مع هذه الدور أو تختلفون هذا شأن آخر، وهذه الدور هي : الاختلاف والبرزخ وميم”.
وأضاف قرور بأن “مشاركة جزائري في لجنة التحكيم وهو الروائي أمين الزاوي، هذا مهم لمثقفينا، تتفقون مع الزاوي أو تختلفون هذا شأن آخر، فضلا عن مشاركة أربعة روائيين جزائريين، هذا مهم للرواية الجزائرية، هؤلاء الروائيون وهم: بشير مفتي وسمير قسيمي اللذين وصلا الى القائمة الطويلة، وعبد الوهاب عيساوي وسعيد خطيبي اللذين بدورهما وصلا الى القائمة القصيرة، ليتوج عيساوي بالجائزة واصفا هذه البكورة من المشاركة بالعرس الادبي الجزائري، لا ينبغي افساده .

وعلق المفكر اليامين بن تومي، على تتويج عيساوي كاتبا على صفحته عبر الفاسبوك،” شكرًا لكل من سجل اسمه من ذهب ليكون هذا العام الروائي الأرفع جزائريا، فالجزائر فازت بكتابها الرائعين عبد الوهاب عيساوي سعيد خطيبي وسمير قسيمي، وبشير مفتي”.

ولم ينسى بن التومي ما وصفه بـ “وجه السعد على الرواية الجزائرية الصديق الدكتور الأمين الزاوي الذي دفع بالنص الجزائري المكتوب بلغاته المتعددة إلى الأمام لا يجب أن ننسى حصصه الماتعة ومقالاته الطيبة عن الرواية الجزائرية، وهو كمحكم من طراز رفيع قام بدور مشرف ليكون للنص الأرفع مكانته ودوره”.

عيساوي .. أدب الهامش ينتصر على شُلل المركز

وكتب بدوره الكاتب والروائي واسيني الاعرج، عن فوز عبد الوهاب عيساوي مقالا مطولا نشره على صفحته عبر الفاسبوك، “ذكرتني حالة الصديق الروائي والقاص عبد الوهاب عيساوي بالمغني الفرنسي جون فيرا الذي اختار أن يعيش في لارديش، بعيدا عن أضواء العاصمة، وبقي قريبا من منطقته يغنيها ويستفيد منها حتى موته، أغنيته: الجبل، تظل واحدة من أجمل ما أداه. لم يمنعه ذلك من أن يكون فنانا عالميا كبيرا. عندما سئل في مرة من المرات: لماذا لا تنتقل إلى العاصمة باريس، قال لا أستطيع أن أتحمل يوميات النخب الباريسية التي تقضي وقتها في الاقتتال الفارغ، واكل لحم بعضها البعض بعيدا عن الجوهر. هنا أعيش مع البسطاء، أناس يشبهونني وأشبههم. وهنا أموت وأدفن. بالفعل ذلك ما حدث. ها هو عبد الوهاب يسلك نفس المسار في بلدته عين حاسي بحبح بالجلفة، بعيدا جدا عن أضواء العاصمة، على سفح جبل الأحداب، وعلى امتداد تلال وسهول صنعت المكان وشكلته بالماء والريح والمروحة. هي عروس الجلفة الفاتنة كما يحلو لسكانها تسميتها. ولمن لا يعرفها جغرافيا فهي تقع بمحاذاة الطريق الوطني رقم 01 شمال عاصمة الولاية، الجلفة. تبعد عن الجزائر العاصمة بحوالي 250 كلم. نواحي المثلث، البويرة شمالا، عين معبد جنوبا، بلدية حاسي العش شرقا. تتربع على مساحة معتبرة تقدر بـ 72170 هكتارا عدد سكانها يقدر باقل من 100 ألف. هذا هو الفضاء الذي صاغ فيه عبد الوهاب جهده، بعيدا عن الشلل القاتلة التي كثيرا ما ابتذلت الجهد الثقافي”.

من قال.. بأن الرواية التاريخية ماتت ؟

وأضاف  واسيني “عندما طبع روايته الأولى في جمعية أهلية، أهداها لي بخجل: طبعة ليست جيدة ولكن لا بأس. قرأتها واكتشفتها في عبد الوهاب موهبة روائية آتية من الأطراف التي لا يلتفت العاصميون لها. ثم طبعها طبعة جديدة أفضل وفازت بجائزة آسيا جبار عن النص المكتوب باللغة العربية، وكان ذلك خطواته الأولى للخروج من دائرة النسيان. استغرب كيف أن الكثيرين بدل أن يفرحوا، مزقوه نقدا. سألني. قلت له طبيعي، لأنك فزت. نحن في بلاد كما قال المرحوم أستاذ الدكتور أبو القاسم سعيد الله: بلاد تخصي عظماءها. لا ترد على أحد يا عبد الوهاب، هم صناع الشتائم. واصل واكتب”.

واستطرد صاحب سيرة المنتهى كتبتها كما اشتهتني  قائلا : ” عندما أشرفت على ورشة البوكر في أبو ظبي، في قصر السراب، كان على رأس قائمة المدعوين من الكتاب الشباب، لكن مشكلة تأخر الفيزا منعته من السفر، واستدركت البوكر الأمر فدعته لورشة عمان. وكنت سعيدا من أجله. ليفوز بعدها بجائزة سعاد الصباح، وجائزة كتارا للنص غير المنشور. واليوم يفوز بواحدة من اهم الجوائز العربية ويسقط Le signe indien عن الرواية الجزائرية. من المؤكد سيفرح له آلاف الجزائريين ولكن سدنة الضغينة في أمكنتهم دائما. لكني اعتقد ان عبد الوهاب، بهذا الفوز، أصبح في الضفة الأخرى، للكتاب المميزين الذين أنجبتهم الأرض العربية. من قال إن الرواية التاريخية ماتت، ولم تعد تفيد؟.

الوسوم
اظهر المزيد

ربيع كاتب

صحفي مهتم بالشؤون السياسية والثقافية والدولية في جريدة الوطن برس .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

18 − 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق