بن دودة تُخصص 15 مليار لترميم ضريح إيمدغاسن

عبرت وزيرة الثقافة والفنون، مليكة بن دودة، عن أسفها الشديد لعدم الاستغلال الجيد  للمناطق الأثرية النادرة التي تزخر بها ولاية باتنة، وقالت الوزيرة خلال اليوم الثاني والأخير من زيارتها التفقيدة، أن “ما تزخر به باتنة ليس فقط إرث وآثار رومانية بل حتى نوميدية، هذه المنطقة منطقة حضارات كبيرة، اول شيء أريد أن أقوله من القلب أني بقدر ما أنا سعيدة وفخورة بهذا التراث بقدر ما أنا حزينة ومتأسفة جدا لأن الكثير من السنوات ضاعت ولم يتم القيام بما يجب للمحافظة على هذه الآثار والمواقع الأثرية، لم يتم استغلالها بشكل جيد، هناك قرارات استعجالية سيتم إتخاذها في هذا الصدد”.

وكانت البداية من المدينة الأثرية الرومانية “لامبيز” تازولت حاليا (على بعد حوالي 10 كم من وسط المدينة) أو كما كانت تسمى في العهد الروماني “Lambaesis”، وهي عاصمة ما يطلق عليه سابقا “أفريقيا الرومانية” قبل سيرتا، هذه المدينة التي شيدت في العام 81 م في فترة الإمبراطور “تيتوس” من قبل الفيلق الأوغسطي الثالث.

وعلقت الوزيرة بالمناسبة على حادثة تخريب الآثار الرومانية بمدخل تازولت من قبل مجهولين الأسبوع الماضي، وأكدت أن هذا العمل الشنيع: “نابع عن جهل هؤلاء الأشخاص الذين لا يعرفون قيمة التاريخ، يجب أن نعيد لهذا المكان قيمته الحقيقية، سنجعلكم فخورين بوجود مثل هذه المدينة هنا”.

وكانت المحطة الثانية هي زيارة لمتحف مدينة تازولت أين اطلعت على محتوياته وأمرت بتحويل لوحات الفسيفساء الفريدة من نوعها إلى تيبازة من أجل الصيانة، بالأخص فسيفساء “القربان المنقوص”، ثم استعادتها وتحويلها إلى المتحف الجديد الذي ستستفيد منه الولاية، وقالت الوزيرة بهذا الخصوص: “يجب التنسيق مع الخبراء في تيبازة في القريب العاجل من أجل صيانة هذه اللوحات”، كما أكدت السيدة بن دودة على ضرورة الإسراع في مشروع المتحف الجديد: “المنطقة تحتاج إلى متحق يليق بهذه الحضارة الكبيرة الموجودة هنا، قررنا فتح متحف يكون في المستوى الحضاري”.

تابعت وزيرة الثقافة رحلتها عبر المدن الأثرية الكثيرة في باتنة وهذه المرة كانت المحطة “بومبي أفريقيا” أو مدينة تيمغاد، وبعد جولة في المتحف الذي يزخر بلوحات فسيفساء نادرة إضافة إلى جولة في المدينة الأثرية، أكدت بن دودة على اتخاذ مجموعة قرارات لحماية هذا المعلم الأثري.

وكأول إجراء، دعت بن دود للقيام بعملية جرد عاجلة للمواقع والقطع الأثرية في تيمغاد، وقالت: “لا توجد مواقع جرد للمواقع الأثرية، يجب أن نقوم بالعملية بشكل عاجل، عدم القيام بعملية جرد يعني أن هناك نوايا مبيتة، في حال ضياع أي قطعة فلن نعرف من أين أتت، كيف اختفت وإلى أين ذهبت، يجب أن يلتحق فريق خاص للقيام بالعملية، هذا أول قرار نتخذه لحماية الممتلكات الموجودة في الموقع”.

وركزت  الوزيرة على ضرورة إدخال الرقمنة على مثل هذه المواقع من خلال التنسيق مع مالكي المؤسسات الناشئة التي تنشط في مجال برامج الهواتف النقال، وقالت: “علينا التنسيق مع المؤسسات الناشئة مثل تلك التي تقدم زيارات افتراضية للموقع في الهواتف الذكية، هذه التطبيقات تسمح للزوار والسياح بالاطلاع على المعلومات حول المواقع، علينا أن نستغل هذا التراث من أجل تحقيق مداخيل، تسمح بحماية التراث ذاته حتى لا يكون عبئا على الدولة”.

وثمنت وزيرة الثقافة في نهاية زيارتها لمدينة تيمقاد قرار رفع التجميد على مخطط حماية الموقع الأثري الذي اتخذه الوزير الأول عبد العزيز جراد، وقالت: “إنه قرار مهم، الموقع استفاد من مبالغ مهمة ستسمح بوضع الإنارة، نحن نقيم المهرجان منذ سنوات وليس هناك إنارة، ستكون هناك لوحات توجيه وإرشاد للسياح، مواصلة التسييج أيضا سيشرف عليها الوالي شخضيا، ترميم المتحف الذي تضرر نوعا ما، كما سنخلق مركز تفسير في المدخل وأيضا خلق دكاكين تسمح ببيع أشياء متعلقة بالتراث وإعادة تهيشة الساحة وخلق دكاكين أخرى داخل المدينة الأثرية تنسجم مع الديكور العام”.

وختمت وزيرة الثقافة جولتها بالمناطق الأثرية في باتنة بزيارة تفقدية لضريح إيمدغاسن، أقدم معلم تاريخ في الجزائر والذي يعود بناؤه إلى 400 سنة قبل الميلاد، و500 سنة في دراسات أخرى، ومنحت بن دودة الضوء الأخضر لبداية عملية الترميم لهذا الصرح الذي يعكس العمق التاريخي للمنطقة الأوراس والمصنف ضمن 100 معلم على وجه المعمورة في خطر.

وأكدت الوزيرة تخصيص غلاف مالي قدره 15 مليون دينار (15 مليار سنتيم) بالإضافة إلى 500 ألف دولار بعد الاتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية، أي أن القيمة الإجمالية المخصصة للترميم ستصل إلى أزيد من 21 مليار سنتيم، وقالت بن دودة: “يجب أن ندرك أن هذا الموقع هو أقدم موقع أثري في الجزائر يعود إلى الفترة النوميدية، لديه قيمة خاصة وخاصة جدا، اليوم سنعمل على رفع التجميد على مشروع الترميم الذي سيكون بالتنسيق بين مؤسسات وزارة الثقافة والجمعيات المحلية وجمعية إيمدغاسن، اول خطوة ستكون مساعدة السيد الوالي بإدخال الإنارة والماء إلى هذه المنطقة لأن المشروع سيتطلب منا أكثر من 5 سنوات، ولدينا غلاف مالي بـ 15 مليار سنتيم بالإضافة إلى اتفاقية مع الولايات المتحدة الامريكية بـ 500 ألف دولار خصيصا للترميم”.

وأضافت حول ترميم الضريح: “لن نستعين بالأوروبيين لأن الموقع ليس ضمن تاريخهم وحضارتهم، المحافظة على إيمدغاسن مهمة الجزائريين وليس الأوروبيين، سنشكل فريقا جزائريا وسنعمل نحن على ترميمه”.

  • صورة حديثة لضريح ايمدغاسن ( الوطن برس ) .

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق