
رغم نفي روسيا بأنها لن تشن أي حرب ضد أوكرانيا، موضحة بأن ووجود جيشها مع الحدود الاوكرانية هو ضمن نطاق حدود الدولة الروسية، إلا أن تغريدة رئيس أركان الجيش الاوكراني أول امس، “أهلا بكم في الجحيم”، وتحذيرات السفارات الموجودة في كييف لرعاياها من أجل مغادرة البلد، رفعت من درجة إحتمالية نشوب حرب بين البلدين خلال الأيام المقبلة، لكن هل فعلا ستغزو روسيا أوكرانيا عسكريا، أم أنه تكتيك إستراتيجي من قبل القوى العظمى تتصارع “دعائيا”، من أجل رسم عالم ما بعد كورونا؟
سيناريوهات محتملة
أفادت شبكة NBC بأن الجيش وأجهزة الاستخبارات الأمريكية حددوا سيناريوهات محتملة لتدخل روسيا عسكريا في أوكرانيا.
ونشرت الشبكة، في تقرير يوم الخميس، خريطة تظهر سبعة مسارات قد “تغزو” بها روسيا أوكرانيا، وفقا لتقييمات الاستخبارات والعسكريين الأمريكيين.
وأوضحت أن هناك سيناريوهين للغزو أكثر شمولا يقضيان بشن هجمات متزامنة من اتجاهات مختلفة.
وحسب السيناريو الأول، ستجتاز دبابات ومدرعات روسية الحدود وستتقدم نحو مدينتي بولتافا وخاركيف لتطويقهما، بينما ستتقدم القوات البرية بثلاثة مسارات من منطقة دونباس بالاتجاهين الشرقي والجنوبي، نحو شبه جزيرة القرم، بغية السيطرة على ساحل بحر آزوف، في حين ستشن مروحيات عسكرية هجوما جويا من القرم.
وتابعت الشبكة أن هذا السيناريو قد يشمل أيضا هجوما طموحا يرمي إلى سيطرة القوات الروسية على الساحل الأوكراني للبحر الأسود ثم تقدمها من ميناء أوديسا الأوكراني نحو مولدوفا بغية إقامة جسر بري على طول الساحل.
وأشار التقرير إلى أن أحد الخيارات المطروحة في التقييمات الأمريكية يقضي باستيلاء روسيا على معظم الأراضي الأوكرانية شرقي نهر دنيبر، أي منطقة تنتشر فيها نحو 50% من القوات المسلحة الأوكرانية.
وأما بخصوص السيناريو الثاني فهي “أكثر عدائية”، وفقا للشبكة، ويضيف محورين جديدين لـ”الغزو الروسي” في الشمال، ويقضي باستخدام المدفعية وأساليب الحرب الإلكترونية وتقدم القوات الروسية من أراضي بيلاروس جنوبا نحو مدينة جيتومير وشرقا إلى العاصمة كييف بغية تطويقها.
كما رجح هذا السيناريو استخدام القوات الروسية مسارا آخر، مرورا بمنطقة تشيرنوبل صوب كييف.
وأشارت الشبكة إلى أن تقييمات الحكومة الأمريكية لهذا السيناريو تشير إلى أن دبابات روسية قد تصل إلى مشارف كييف في غضون 48 ساعة فقط من بدء الغزو، بينما سيمنح نشر بطاريتين من صواريخ “إس-400” في الأراضي البيلاروسية الجيش الروسي التفوق في معظم مجال أوكرانيا الجوي والقدرة على إسقاط صواريخ العدو.
وفقا للتقرير، يقضي كلا السيناريوهين بشن هجمات مدفعية وصاروخية وغارات جوية مكثفة على مستودعات الأسلحة والرادارات والطائرات العسكرية ومنظومات الدفاع الجوي وغيرها من المرافق العسكرية الأوكرانية الهامة، بينما قد تصل حصيلة الضحايا بين المدنيين 50 ألف قتيل وجريح، وفقا للتقييمات الأمريكية.
ونفت روسيا ومرارا وتكرارا وجود أي خطط لديها لمهاجمة أوكرانيا، مشددة على أن تحركات قواتها داخل حدودها لا تهدد أحدا وتندرج في الشأن الداخلي الروسي، وحملت الغرب المسؤولية عن تأجيج الهستيريا حول الموضوع.
وكان الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي قد دعا المسؤولين الغربيين ووسائل الإعلام إلى الكف عن نشر الذعر بشأن “الغزو الروسي” المحتمل، محذرا من أن هذه التصريحات “غير المدروسة” تضر باقتصاد بلده.
واشنطن لا تستطيع التنبؤ بغزو روسيا لأوكرانيا !
أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك ساليفان أن الولايات المتحدة لا تستطيع التنبؤ بموعد بدء روسيا “غزوها لأوكرانيا”، محذرا في الوقت نفسه من أنه قد ينطلق “في أي لحظة”.
وقال ساليفان في حديث لشبكة CNN: “لا نستطيع التنبؤ بيوم محدد بدقة، لكننا نؤكد منذ بعض الوقت أننا الآن في نافذة قد تبدأ فيها روسيا غزوها وحملة عسكرية واسعة النطاق على أوكرانيا بأي يوم، وهذا يشمل الأسبوع القادم، قبل اختتام الألعاب الأولمبية”.
ورجح أن “الغزو الروسي” قد ينطلق بعد الألعاب الأولمبية التي تختتم في 20 فبراير، وأن إدارة الرئيس جو بايدن كذلك لا تزال تعتبر من الممكن أن “تختار روسيا مسارا دبلوماسيا”.
وتابع أن “الطريقة التي تحشد بها روسيا قواتها” عند حدود أوكرانيا تشير بوضوح إلى إمكانية أن تتخذ موسكو “خطوات عسكرية واسعة” ضد أوكرانيا في القريب العاجل، مبديا استعداد واشنطن للرد على ذلك “على نحو حازم وموحد مع الحلفاء والشركاء”.
وقال: “لا أستطيع الجلوس هناك اليوم والتنبؤ بما سيحدث، لكن بإمكاني التأكد من أننا مستعدون”.
وتعهد ساليفان بأن تدافع الولايات المتحدة وحلفاؤها عن أراضي حلف الناتو وتفرض تكاليف على روسيا إذا تدخلت في أوكرانيا وأن “الغرب سيخرج من ذلك أقوى وأكثر عزيمة” مما كان خلال السنوات الـ30 الماضية.
وجاءت هذه المقابلة بعد يوم من اتصال هاتفي جرى بين رئيسي روسيا والولايات المتحدة فلاديمير بوتين وجو بايدن حول أوكرانيا.
وتزعم الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون أن روسيا تخطط “لغزو أوكرانيا”، وهو ما تنفيه موسكو.
وكان الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي زيلينسكي قد طلب أمس الغرب بتقديم أدلة تثبت صحة مزاعمه عن “الغزو الروسي الوشيك”.
المخابرات الأوكرانية تخاطب المواطنين
قال جهاز الأمن في أوكرانيا، في بيان له أمس حسب وسائل إعلام روسية ، بأن البلاد تواجه محاولات لإثارة الذعر بشكل منهجي وترويج المعلومات الكاذبة المضللة.
وذكرت المخابرات الأوكرانية، أنها تسجل بشكل دوري مثل هذه المظاهر في الشبكات الاجتماعية وبعض وسائل الإعلام، وتقوم بالتصدي لها.
وأضاف البيان: “يشهد مجال المعلومات المحلي اليوم تأثيرا غير مسبوق. وتواجه أوكرانيا محاولات لإثارة الذعر ونشر المعلومات المزيفة وتشويه الواقع الفعلي للأمور. وكل ذلك بمجموعه ليس إلا نوعا دوريا جديدا من الحرب الهجينة. ويسجل جهاز الأمن وجود مثل هذه المظاهر للحرب الهجينة في الشبكات الاجتماعية وبعض وسائل الإعلام، وفي قيام بعض السياسيين بالترويج لروايات الدولة المعتدية. ونحن نقوم بالتصدي لكل ذلك بشكل فعال”.
وتابع البيان: “يهدف هذا الضغط الإعلامي، لبث الذعر في المجتمع الأوكراني، وتقويض الثقة في قدرة الدولة على حماية مواطنيها، وتقويض وحدتنا. ويبذل عناصر الأمن كل الجهود لحماية البلاد، لكن الاستقرار والهدوء في بلدنا في الوقت الراهن يتعلق ليس فقط بجهود السلطات بل بجهود كل أوكراني. يجب علينا جميعا التزام الهدوء والسكينة وعدم الانجراف وراء الاستفزازات”.
سفير أوكراني: يمكننا التخلي عن الانضمام إلى الناتو
و صرح السفير الأوكراني في بريطانيا، فاديم بريستايكو، بأن أوكرانيا قد تتخلي عن فكرة انضمامها لحلف الناتو لمنع نشوب حرب مع روسيا.
وردا على سؤال صحفي حول احتمال تخلي أوكرانيا عن خططها للانضمام لحلف الناتو من أجل إحلال السلام في أوروبا قال بريستايكو في حديثه لإذاعة “بي بي سي-5”: “يمكننا خاصة عندما نتعرض للتهديد والتخويف والدفع على القيام بذلك”.
تتهم الدول الغربية روسيا في الأشهر الأخيرة باستعدادها لـ “غزو أوكرانيا”، وذلك اعتمادا على مزاعم مفادها أن روسيا زادت عدد جنودها في المناطق القريبة من الحدود الأوكرانية إلى 125 ألف شخص.
من جهتها ترفض موسكو كل هذه الاتهامات، مشيرة إلى أن نقل قواتها في أراضيها أمر داخلي.
هل تدير واشنطن “حملة إعلامية”ضد روسيا ؟
في وقت هذه التحليلات الإعلامية عن إمكانية نشوب حرب بين روسيا وأوكرانيا، صرحت موسكو مرارا أن وجود القوات الروسية هو على الأراضي الروسية وضمن حدود الدولة.
واتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أمس السبت، واشنطن بأنها تدير الحملة الإعلامية حول ما يسمى بـ”الغزو الروسي الوشيك” لأوكرانيا.
وقالت: “أعتقد أن التغطية الإعلامية غير مسبوقة لأن جميع الوسائل الغربية التي تقدم نفسها على أنها مستقلة أظهرت وجهها الحقيقي من خلال تقديم هذه القصة التي اختلقتها واشنطن”.
وتتهم الولايات المتحدة ودول غربية روسيا بالتحضير لهجوم عسكري على أوكرانيا، مؤكدة أن “هذا الغزو يمكن أن يحصل في أي وقت”، وهو ما نفته موسكو في مناسبات عدة؛ معتبرة أن الاتهامات ذريعة لزيادة الوجود العسكري للحلف بالقرب من حدودها.
وتطالب موسكو بضمانات حول عدم توسع حلف الناتو شرقاً نحو حدودها، وعدم إنشاء قواعد عسكرية في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.