ملحم:الغاز سيُعيد تشكيل العالم وإعلان الجزائر دستور جديد

اعتبر الدكتور آصف ملحم، مدير مركز الأبحاث والدراسات “جي إس إم” بموسكو، “إعلان الجزائر” الذي صادق عليه كل الاعضاء المشاركون في انعقاد دورته السابعة لقمة رؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز المنعقدة في الجزائر، بأنه “دستور” و”ميثاق” عمل لجميع المعنين بموضوع سوق الغاز سواء كانوا منتجين أو مستهلكين، وقال الخبير الإستراتيجي في حوار جمعه مع موقع “الوطن برس”، بأن الموارد عموما تعتبر قاعدة أساسية في إعادة تشكيل العالم، خاصة قطاع الغاز الذي سيكون حجر زاوية في تشكيل عالم متعدد الأقطاب الذي كثر الحديث عنه مؤخرا.

كيف تقرؤون مخرجات “إعلان الجزائر” وتداعياته على سوق الغاز مستقبلا على المستوى العالمي؟

في الواقع جاء “إعلان الجزائر” جامعاً لكل النواحي المرتبطة بصناعة الغاز والعوامل المؤثرة على مستقبل هذه الصناعة، لذلك يمكن أن نطلق عليه بأنه ميثاق عمل لجميع المعنيين بهذا الموضوع، و نعتقد أنه سيصبح كالدستور الذي يرسم الخطوط العريضة الضابطة للعمل في قطاع الغاز في العقود المقبلة.

فحول كل بند من بنوده يمكن أن تتشكل مجموعات عمل تخصصية أو لجان مشتركة، تكون مهمتها تقييم الحالة و وضع الرؤى و الخطط المستقبلية، فمثلاً، يمكن تشكيل لجان مشتركة لتقييم وضع الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة، و القول في التوصيات أن الدولة الفلانية يمكن أن تزيد استثماراتها في الطاقة الشمسية وتقليل الاستهلاك المحلي للنفط أو الغاز لأن إمكاناتها تسمح بذلك، وقد يكون هناك لجان متخصصة في المسائل البيئية، التي تجري تقييمات حول وضع الانبعاثات و التلوث البيئي، و يمكن أن توصي بتقليل استهلاك الوقود الأحفوري في هذه الدولة أو إمكانية زيادته في دول أخرى.

لذلك مهمة هذه اللجان أو مجموعات العمل الرقابة المستمرة للتأكد من مراعاة كل الدول لبنود إعلان الجزائر،طبعاً، جميع التوصيات يجب رفعها إلى القيادات السياسية للبت بها و اقتراح الحلول الممكنة.

من بين المخرجات العمل على صون مصالح المنتجين والمستهليكن للغاز في العالم، كيف يمكن تحقيق ذلك في ظل الازمات السياسية والعسكرية التي تحدث في العالم على غرار على الأزمة الأوكرانية والعدوان على غزة؟

تكمن مصلحة المستهلك في استمرار تدفق هذا المورد الهام بأسعار مقبولة، أما مصلحة المنتج فتكمن في ضمان دخل مالي مستقر من بيع موارد الطاقة بأسعار مرتفعة إلى حد معقول، فالغاز و الطاقة عموماً تقوم بتشغيل العديد من المصانع، وبالتالي حدوث أي خلل في قطاع صناعي معين سيرتد مباشرة على قطاع الغاز. كما أن الاضطرابات السياسية قد تؤثر مباشرة على سلاسل الإمداد و قد تخلق خلخلة في السوق، التي قد تنعكس بدورها على الاقتصاد العالمي، وهذا شهدناه بعد اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية، لذلك، تضمّن إعلان الجزائر بنداً واضحاً أدان فيه جميع القيود الاقتصادية أحادية الجانب، لأنه في حالة الحرب الروسية-الأوكرانية لعبت العقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا دوراً بارزاً في زعزعة استقرار سوق الطاقة عموماً و الغاز خصوصاً.

يجب أن لا نتصور أن هذه المشاكل يمكن أن تتوقف في يوم من الأيام، وهنا تكمن أهمية وجود منتدى للدول المصدرة للغاز و (إعلان الجزائر). و الآلية الوحيدة التي يمكن تصورها هو الحوار و التباحث بين الدول المنتجة و المستهلكة؛ إذ يمكن إشراك الدول المستهلكة في الحوار للتعرف على المشاكل التي تعاني منها و المشاركة في اقتراح الحلول المناسبة لهذه المشاكل.

إلى أي مدى يمكن أن تساهم مخرجات “إتفاق الجزائر” في إستقرار سوق الغاز العالمي؟

من يضبط إيقاع سوق الغاز هو الدول المنتجة، و مخزونات الدول المنضوية ضمن منتدى الجزائر تصل إلى حوالي 70 بالمائة من المخزونات العالمية، و هناك عدة دول أبدت رغبتها الانضمام إلى هذا المنتدى إما بصفة عضو كامل العضوية أو بصفة مراقب، و هذا أحد الانجازات الهامة لقمة الجزائر.

لذلك فالدول المنضوية ضمن المنتدى قادرة على فرض شروطها العادلة من حيث الأسعار هذا من جهة، من جهة أخرى يعكس التمثيل عالي المستوى في القمة رغبة و إرادة هذه الدول بالحصول على المكتسبات المستحقة من بيعها للغاز، فضلاً عن ذلك، كبار منتجي الغاز، و أقصد هنا روسيا و إيران و قطر، يرتبطون بعلاقة سياسية متميزة مع الجزائر، الأمر الذي يعطي أهمية كبيرة لإعلان الجزائر.

هذا يعني أن جميع الشروط اللازمة لاستقرار سوق الغاز متوفرة، و الخطوة المقبلة هو تجسيد هذا الإعلان على أرض الواقع، و هذا سيكون من اختصاص اللجان المشتركة أو مجموعات العمل.

ماهي تداعيات هذه القمة على صورة الجزائرية الدبلوماسية في ظل الحديث عن توجه لعالم متعدد للأقطاب؟

في الحقيقة الموارد هي الأساس الذي يتم عليه إعادة تشكيل العالم، و الطاقة عموماً و الغاز خصوصاً سيكونان حجر الزاوية في تشكيل العالم متعدد الأقطاب، فيمكن القول أن الانتقال الطاقوي هو المتجه العام للتطور في العالم الآن؛ إذ سيكون الغاز المصدر الأول للطاقة في العقود المقبلة، كما أنه ستزداد الاستثمارات في مجال الطاقات المتجددة. ولقد أشار (إعلان الجزائر) بوضوح إلى: التنمية المستدامة و الانتقال الطاقوي و الأطر القانونية لقطاع الغاز و الفقر الطاقوي في القارة الأفريقية، وغيرها الكثير من العناصر التي ستساهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في رسم الملامح العامة للنظام الدولي الجديد. لأنه، وضوحاً، كل الاقتصاد يرتبط بالطاقة، و الاقتصاد هو المحدد الرئيس في العلاقة بين الدول.

  • حاوره : أحمد. ل
الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

16 + 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق