حرب خلف الخطوط : صحفيون جزائريون في قلب معركة الأخبار الزائفة !

منذ الإنفتاح الاعلامي الذي شهدته الجزائر بداية التسعينيات من القرن الماضي، اضطلعت الصحافة الوطنية الجزائرية بمختلف أنواعها، السمعية البصرية، المكتوبة والإلكترونية، إلى مواكبة مختلف إفرازات التكنولوجيات الجديدة في عوالم الإعلام والاتصال والرقمنة، حيث خلفت هذه الخطوة تحولا كبيرا على مستوى المحتوى الإعلامي شكلا ومضمونا، كما سهّلت من طرق تدفق المعلومة وجعلتها أكثر انسيابية سواء في شكلها “الأفقي” أو “العمودي” .
في ظل هذه الديناميكية الاتصالية المفتوحة، شكّل الانخراط الكبير للمجتمع الجزائري في التعاطي مع مخرجاتها التكنولوجية، نقطة تحوّل بالغة الأهمية، اعتبرها العديد من المختصين بأنها ستُساهم في تعزيز عملية التواصل الفعّال بين الأفراد والمؤسسات والشركات على جميع المستويات، كما ستعمل على تقليص حواجز العزلة وتقريب المسافات، من خلال ربط مختلف المناطق في مساحة شاسعة مثل الجزائر، التي تنفتح على مختلف المتغيرات العالمية الجديدة، وهو من شأنه أن يوفر جودة الخدمات ويكرّس ” الرفاهية الرقمية ” التي من أبرز مظاهرها القدرة على الوصول إلى المعلومات بشكل أسرع ، في أي وقت ومن أي مكان !
إن إستفاد المجتمع الجزائري من إنسيابية تواصلية ملفتة للإهتمام طيلة السنوات الماضية، جاءت بفضل شبكة الاتصالات السلكية التي أصبحت تربط جُل مناطق البلاد، وبفضل الخدمات اللاسيلكية التي أحدثت بدورها طفرة نوعية على جميع الأصعدة، خاصة منذ الولوج إلى عالم شبكات الهاتف المحمول بأجياله الأربعة ( 1G، 2G، 3G، 4G)، تعيش الجزائر اليوم على وقع الجيل الخامس( 5G ) للهاتف المحمول، الذي ينتظر منه أن يحدث نقلة نوعية أيضا، من شأنها تكثيف علميات الاتصال وتعزيز الخدمات المربوطة بالتدفق العالي للأنترنات.
وعلى خلفية هذه المعطيات المعاشة في الواقع ، يبدو جليا أن قطاع الاتصالات غيّر الكثير من الذهنيات والسلوكيات في البنية الاجتماعية للمجتمع الجزائري، حيث يمكن ملاحظة إنعكاساته على جميع المجالات بما فيها مجال الاعلام والصحافة، فالمعلومة التي كان القارئ ينتظر 24 ساعة لكي يطلع عليها في الصحيفة، أصبحت اليوم متوفرة بشكل آني، عبر موقعها الإلكتروني وصفحتها عبر منصات التواصل الاجتماعي ، في انتظار اقتنائه للجريدة الورقية للتعمق أكثر في الخبر و ما وراءه إن كان قارئا يملك مزاجا جيدا ووقتا وشغفا للقراءة !، كما تكفي نقرة صغيرة على الهاتف الذكي للشخص حتى يُشاهد البث المباشر لأي قناة تلفزيونية سواء كانت محلية أو أجنبية من أي مكان في الجزائر تتوفر فيه التغطية، أو قد يستمع إلى أي إذاعة المفضلة لديه، خاصة وأنها أصبحت متاحة عبر الأنترنت في شكلها الرقمي، أو يطلع على أي مقال في موقع الكتروني يشاء .. فوفرة المعلومات والأخبار التي تنشرها وتبثها وسائل الإعلام للجماهير الواسعة، أصبحت تزاحمها اليوم شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تنشر بدورها معلومات وأخبار كثيفة جدا، وقد يكون لها السبق الاخباري على وسائل الاعلام المحترفة، لكن ماذا لو كانت هذه المعلومات والاخبار زائفة وكاذبة ومضللة ؟
وجها لوجه مع الأخبار الزائفة !
إنتشر قبل موعد الاعلان عن نتائج البكالوريا لسنة 2025، فيديو لوزير التربية الوطنية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تحت عنوان “وزير التعليم يتحدث عن النتائج الكارثية للبكالوريا في الجزائر”، وتناول المسؤول الأول على قطاع التربية الوطنية في بلادنا حسب الفيديو، بصوت يبدو صوته وصورة تبدو صورته، موضوع البكالوريا ونتائجها “الكارثية”؟، وقد أثار المحتوى المنشور الكثير من اللغط وردود الفعل المتباينة عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول المحتوى والطريقة التي يتحدث بها الوزير، الجهات الوصية لم تٌعر أي أهمية للمحتوى المنشور الذي تبيّن أنه كان مفبركا ومصنوعا بتقنية الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق، لكن منصة مكافحة الاشاعات والاخبار الزائفة بالجزائر“ Alegria Check “ و التي يديرها الصحفي، وليد كويني، بادرت بنشر تحقيق مضاد للفيديو المضلل عبر موقعها الالكتروني، كاشفة أنه : “أن المحتوي السمعي البصري للوزير مفبرك تم فيه استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي”.
وقبل هذه المعلومة المغلوطة بأسابيع، و في ظل غمرة انتظار إعلان وزارة التربية الوطنية عن نتائج “البيام” فوجئ الصحفيون والمواطنون، ببيان “مختوم” من الوزارة الوصية! ، يحتوي على معلومات تفيد بأن الإعلان عن نتائج شهادة التعليم المتوسط ” البيام “، سيكون يوم الخميس 27 جوان سنة 2025، وقد تناولت الصحافة الوطنية هذا البيان التي اتضح أيضا بأنه مفبرك وأحدث حالة من الارتباك لدى التلاميذ وعائلاتهم، وجاء في أحد العناوين الصحفية حينها : “الإعلان عن نتائج امتحان “البيام”. الإشاعات تغزو الفضاء الأزرق وتزيد من إرباك التلاميذ”، في حين عمدت منصة “مكافحة الإشاعات والأخبار الكاذبة Alegria Check ” “، إلى تصنيف البيان بأنه “محتوى مفبرك”، موضحة في تحقيق نشرته عبر موقعها الالكتروني تقول فيه بأن “البيان المتداول مزيف ويحتوي على أخطاء واضحة في الصياغة والمضمون، أبرزها أن يوم الخميس يوافق 26 جوان وليس 27، مما يكشف التناقض في التاريخ، وأضاف نفس المصدر بأن وزارة التربية الوطنية لم تصدر أي بيان رسمي بخصوص تاريخ إعلان النتائج لحد الآن، ولم يُنشر شيء من هذا القبيل على القنوات الرسمية التابعة لها، وخلص تحقيق من” Alegria Check”، بأن البيان: ” لا أساس له من الصحة، كما دعت : ” التلاميذ والأولياء إلى متابعة الصفحات الرسمية لوزارة التربية فقط لتفادي الأخبار الزائفة”.
خطورة هذه المعلومات المضللة لم تتوقف هنا، بل وصل بها الأمر إلى نشر خبر عن وفاة تلميذة بالعاصمة خلال إجتياز شهادة البكالوريا لسنة 2025 بسبب صعوبة أسئلة الفلسفة! ، ليتبين الأمر فيما بعد بأنه خبر مزيف وخاطئ بعدما أحدث ضجة كبيرة في أوساط المتمدرسين وعائلاتهم وحتى الصحفيين، ودعا حينها القائمون على منصة ” Algeriacheck” إلى الحذر من تصديق الاشاعات الكاذبة والترويج لها، مؤكدة بأنهم تواصلوا مع المعنيين بثانوية بني مسوس بالعاصمة، وأكدوا لهم بأنه لا وجود للحادثة والخبر مجرد إشاعة”.
ليس وزارة التربية الوطنية ضحية هذه الاشاعات، بل أضحى هذا النوع من الاخبار منتشر على جميع المستويات المحلية والدولية والعالمية، لا تفرق فيه “الجهات الناشرة”، بين ضحاياها فهي قد تطال شخصيات رسمية كما تمس المواطن البسيط، فقد أصبحت الأخبار الكاذبة، سلاحا فتاكا يٌطلق “نار” الاشاعة والزيف على الجميع بما فيهم الصحفيين، حيث نُشر خبر كاذب في شهر مارس المنصرم، ادعت فيه بعض الصفحات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أن صحفي جزائري مشهور، وافته المنية بعد حادث مرور بالعاصمة !، الأمر الذي نفته منصة ” Algeriacheck” بعد نشرها لبيان رسمي لمستشفى مصطفى باشا، أين فندت الأخبار المتداولة بخصوص وفاة الصحفي، مؤكدة بأن هذه الأخبار مغلوطة ولا أساس لها من الصحة ، والصحفي حالته مستقرة و هو يرقد تحت العناية الطبية !
إن الغاية من عرض هذه النماذج في هذا “التحقيق الصحفي”، هو تقديم أمثلة لا غير، و ليس “التشهير” أو المساس بسمعة الأشخاص أو أي جهة مهما كانت، و هو تأكيد على خطورة انتشار مثل هذه الظاهرة الخطيرة، كالنار في الهشيم خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ما يجعل المجتمع يعيش في حالة الارتباك اليومي على وقع معلومات مزيفة، وقد عالجت بدورها منصة “Algeriacheck”، ” عدة معلومات مضللة أثارت الرأي العام الوطني خلال الفترات الماضية ، من بينها أخبار زائفة انتشرت خلال فترات الانتخابات، أو ما تعلق بالجائحة الصحية كورونا، وكذا فترة الامتحانات و البكالوريا، هذه المعالجات التي قمنا بها في المنصة، كانت ضرورية”، وأوضح مسؤول تحرير المنصة الصحفي وليد كويني لـ”الوطن برس” : “أن منصتنا كانت حريصة دائمًا على تقديم التوضيحات المؤسسة على مصادر رسمية، دون إنحياز أو تهويل، حيث نواصل العمل بمعدل سنوي يفوق 100 تدقيق في السنة منذ بداياتنا في سنة 2019″، وبعملية حسابية بسيطة، يمكن القول أن المنصة المختصة في مكافحة الأخبار الزائفة بالجزائر، عالجت تقريبا 600 خبر غير صحيح في ظل ستة سنوات، بمعدل 100 خبرمزيف في السنة، وهذا ما يثير الكثير من القلق والتساؤلات حول خطورة هذه النوع من المعلومات وكيف يمكن الحد منها، فهي حسب المختصين تصنف إلى عدة أنواع : ” فهناك الخبر الكاذب، والمحتوى المفبرك، والمحتوى المضلل، والخبر المضلل، والعنوان المضلل، وهي عبارة عن تقسيمات تحاول منصة ” Algeriacheck” ومختلف الهيئات المهنية -غير الحكومية- كل على مستواها المحلي والوطني، أن تجابه “حرب” الأخبار الزائفة والزاحفة بشكل مطرد داخل المجتمع ، و تجعل الصحفيين أمام مسؤوليات كبيرة من أجل تنوير الرأي العام الوطني من خلال نشر المعلومات الصحيحة ومكافحة المعلومات الخاطئة منها “.
تحولات جوهرية في غرف التحرير و الأخبار المزيفة أبرز التحديات !
إضافة إلى العديد من التحديات التي تعيشها الصحافة الجزائرية، تُشكل الاخبار الكاذبة هاجسا مقلقا للصحفي الجزائري اليوم، فالظاهرة التي أفرزتها سياقات تكنولوجية واجتماعية داخل المجتمع الجزائري، من شأنها أيضا أن تلقي بظلالها على تحولات جوهرية يعيشها الصحفيون على مستوى المهنة بكل أشكالها وأنواعها في بلادنا، و يقول هنا البروفيسور باديس لونيس أستاذ بقسم علوم الاعلام والاتصال بجامعة باتنة في تصريح لـ “الوطن برس” : ” حقيقة أن هناك المزيد ثم المزيد من التحديات الجديدة والمتجددة التي باتت تواجه الصحفي، وتحتم عليه التعايش معها ثم التكيف مع تبعاتها ومسايرة كل المستجدات المتراكمة على مسار تأدية مهامه كصحفي.”
فالصحافة اليوم -حسب لونيس- تعيش معضلة “وجودية” في ظل كثافة إستخدام التكنولوجيات الجديدة من قبل الجماهير ، ” فمثل هذا التحدي يحمل في طياته سؤلا وجوديا بأتم ما تعنيه كلمة الوجود من معنى”، حيث يمسّ مباشرة مهنة الصحافة و يٌسائل صفة الصحفي في الأصل والأساس، فالمفهوم التقليدي للصحافة الذي يرتكز على “أنها مهنة نقل الأحداث المحلية والاقليمية والعالمية وشرحها لمساعدة الجمهور المتلقي لكي يستطيع تكوين آرائه واتجاهاته حولها”، صار محل مراجعة عميقة في بنيويته وجدواه العملية في ظل التطور المستمر للميديا الجديدة بأشكالها المتعددة “.
كما نبه الاستاذ لونيس إلى نقطة مهمة مرتبطة بعلاقة الصحفي بالمجتمع قائلا :” إن المجتمع سيضطر إلى إعادة استكشاف الصحفي المحترف من جديد وهو ذلك المنتمي إلى مؤسسة إعلامية تحكمه قوانين وتشريعات ومواثيق شرف هو المنوط بمشروعية نقل الاخبار والتحقيق فيها واستطلاع المعطيات وصنع أجندة ما وتأطير المتلقين، أكثر من غيره من “الهواة” أو ما يسمى بالصحفيين المواطنين الذين يخضعون – حسبه – إلى مزاجية اللحظة وصدفة السياق أكثر من أي شيء آخر، رغم هذا يصارع الصحفي يوميا الحقيقة من أجل نقل الاخبار للجمهور عبر وسيلته الاعلامية خاصة مع الانتشار الكثيف والكبير للأخبار والمعلومات المضللة والكاذبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات الرقمية الكثيرة والمتداولة عبر الفضاء السبرياني، حيث كل الامكانيات التكنولوجية متاحة من أجل الوصول إلى المعلومات من مصادر متعددة وبغزارة وتحت الطلب وفي أي وقت وحين”.
وحسب المهنيين، لم تكن الصحافة الوطنية في منأى عن التحولات التكنولوجية والرقمية التي تحدث في العالم، و التي سهّلت من عملية نشر الأخبار بشكل أسرع وأرخص بفضل الأدوات الرقمية والأجهزة الذكية حسبما يراه الصحفي والمستشار في الاعلام الرقمي علي بن ختو الذي أكد أن : ” العديد من الأدوات لها تأثير كبير على كيفية إنتاج الأخبار والمعلومات ونقلها للجمهور فنيا وتقينا ، حيث غيّرت كذلك من شكل المحتوى الاعلامي ومضمونه، معززة انتشاره وتوسع دائرة جمهوره المتعدد والمتنوع، هذا على مستوى المضمون، أما فيما يتعلق بالممارسة المهنية فقد أكد المتحدث خلال تصريح لـ “الوطن برس” : “بأن أصبح الصحفي اليوم مطالب بأن يكون منتجًا رقمياً متكاملًا.. يكتب ويصور ويبث ويتفاعل مع جمهوره مباشرة عبر المنصات الرقمية، فهذا نراه تحول رقمي وتكنولوجي كبير، قبل أن يستدرك بالقول: ” صحيح بأنه سرع من نشر الأخبار والوصول إلى جمهور أكبر، لكنه فتح الابواب على مصراعيها أمام مخاوف المهنيين من فقدان وظائفهم في ظل الاعتماد المتزايد على الأدوات التكنولوجية والرقمية”.
و بغية مواكبة الطفرة التكنولوجية الجديدة وتبديد توجسات أصحاب مهنة المتاعب المتخوفون من سطوة هذه الأدوات التقنية الجديدة على يومايتهم المهنية و تحل أماكنهم في قاعات التحرير، عمد بن ختو إلى إصدار ما أسماه : “دليل لصحافة الذكاء الاصطناعي” حيث يساعد الصحفيين على أداء مهامهم بتقنية الخوارزميات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي ، كما أصدر كذلك دليلا آخر من أجل حماية بيناتهم ومعلوماتهم وأجهزتهم المربوطة بالأنترنات من الاختراق، أطلق عليه إسم : “دليل الأمن السيبراني للصحفيين”، كما أنشأ أيضا منصة أخرى سُميّت بـ :” الدليل الاحترافي للأعلام الرقمي” وهذا بغية مرافقة الصحفيين في أداء مهامهم في ظل التحولات التكنولوجيات الرقمية الجديدة التي طالت مهنة الصحافة العالم، وحول هذه المبادرات يقول بن ختو :” أنه حاول بذات الأدوات تبسيط المفاهيم التقنية للصحفيين من أجل تمكينهم من اكتشاف أسرار النشر الرقمي، وصحافة الذكاء الاصطناعي، موضحا بأن : ” فائدة الدعائم الرقمية هذه والتي تعد مهنية تفاعلية تفيد الصحفيين في إنتاج محتواهم الإعلامي في مختلف الأنواع السمعية البصرية، المكتوبة والالكترونية”، لم يكتفي بن ختو بهذا فقط بل طور مساعدا ذكيا في التدقيق اللغوي والإعلامي وهو نسخة تجريبية تفاعلية، أطلق عليه إسم “مدقق”، ومهامه لا تقتصر على التدقيق في اللغة فحسب، بل حتى الأسلوب، و هو متاح في مرحلته التجريبية، ونجاحه مرهون بفاعليته وقدرته على القيام بالمهام الموكلة إليه “.
إن هذه التحولات الذي يشهدها قطاع الإعلام في الجزائر جعلته : “يمر بمرحلة مفصلية جداً ، تتقاطع فيها التحديات التقنية مع الضرورات المهنية، فدخول الذكاء الاصطناعي إلى حقل الصحافة مثلا، هو تطور لا يرى فيه أي تهديد بالنسبة للصحفيين ومهن الصحافة، بل هو أداة واعدة سيكون من الصعب الاستغناء عنها مستقبلا، داعيا في هذا السياق الصحفيين والتقنين والمهنين والفنيين، إلى مواكبة هذه التغيرات بذكاء واستباق”، و يعاكس “كويني” بهذا الطرح الأصوات المتشائمة من الطفرة التكنولوجية وتأثيرها على مهنة المتاعب بالجزائر ، قائلا : إن الصحافة الجزائرية سيكون مستقبلها واعدًا إذا تم الاستثمار فعليًا في تكوين الصحفيين مع التطورات التكنولوجية الحاصلة، وتزويدهم بالمهارات الرقمية اللازمة، وتوفير الأدوات المناسبة التي تمكنهم من استخدام الذكاء الاصطناعي كمساعد لا كبديل. الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز جودة العمل الصحفي، ويساهم في إنتاج محتوى دقيق وسريع، لكن فقط إذا تم استخدامه ضمن منظومة تحترم أخلاقيات المهنة، وتُعلي من قيمة الإنسان لا الخوارزمية، كما تساهم هذه الاحترافية أيضا في محاصرة ومواجهة الأخبار الكاذبة المنتشرة وتنوير الرأي العام والمساهمة في تحقيق الأمن الإعلامي داخل المجتمع”.
سبل المواجهة و محاصرة المحتوى الزائف
في خضم كثافة المعلومات المتدفقة داخل المجتمع بفعل الانتشار الكثيف في إستخدام مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر البيئة التي تنتشر فيها هذه المعلومات المضللة، يُحاول الصحفيون الجزائريون بمعية الأساتذة في الاختصاص، تقديم مقترحات علمية ومهنية من شأنها المساهمة على محاصرة المحتوى الزائف وتقويض إنتشاره والحد من خطورة تفشيه داخل المجتمع، فهناك من إقترح ضرورة التحكم في التكنولوجيات مدام أن منطلق الخطر تكنولوجي، فعلى الصحفيين مواجهة هذه الظاهرة تكنولوجيا، كما أكده عبد القادر دريدي، دكتور في علوم الاعلام والاتصال، خلال تصريح “الوطن برس” : “فحسبه لا توجد وصفة سحرية لمواجهة الأخبار الكاذبة، بكونها مرتبطة ارتباطا عضويا بالتقدم التكنولوجي، والكشف عن الخبر الزائف يتطلب تحكما تكنولوجيا ووعيا مهنيا مرتفعا”.
وأعطى الأستاذ دريدي مثالا في هذا الصدد قائلا : “الكشف مثلا عن فيديو ملفق بطريقة “الزيف العميق ” يتطلب امتلاك تطبيقات تقنية حديثة بالإضافة إلى وعي مهني حاذق، ولكن عموما أعتقد أنه على مستوى الصحافة الالكترونية فإن محركات البحث والتطبيقات المتوفرة حتى بالمجان كفيلة بتمكين الصحفي من التدقيق في الأخبار والمعلومات والمقارنة بين المصادر للوصول إلى المعلومة الصحيحة ونشرها”.
وأشار المتحدث في نفس السياق، إلى نقطة مهمة، وهي المسؤولية المهنية للصحفيين في معالجة الاخبار ونقلها قائلا : ” أن مسؤولية الصحفي تنسحب أيضا على طريقة حصوله على الأخبار، منتقدا استسهال الحصول على الاخبار من مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الصحفيين، ونسخ على المواقع الإخبارية ومختلف وسائل الاعلام دون تدقيق وهو خطأ مهني يتحمل الصحفي مسؤوليته”، بالمقابل : “دعا المؤسسة الاعلامية إلى تكوين الصحفيين في هذا المجال مع توفير الوسائل التقنية للحصول على المعلومات الصحيحة وإمكانيات تدقيقها لأن ذلك من مسؤولياتها أيضا.”
و يٌفصّل الأستاذ دريدي في تجربته المهنية في مجال الاعلام والتدقيق من مصادر المعلومات قائلا : ” طيلة اشتغالي كصحفي حرصت على انتقاء الاخبار من مصادرها الموثوقة مع الحصول على ما يدل على ذلك، كوثيقة مكتوبة أو تسجيل صوتي أو بريد الكتروني، وبهذه الطريقة لا يمكن حسبه أن يتسلل الخبر الزائف إلى أي مقال أو برقية، وهنا يجب أن أشير إلى أنه على الصحفي أن يوفق بشكل كبير بين السبق الصحفي وبين الدقة في نقل الخبر فهما ليسا وجهان لعملة واحدة ولا يمكن أن يكونا كذلك”.
من جانبه، يسرد علينا الصحفي والمراسل الحربي الطاهر حليسي في تصريح “الوطن برس” ، بعضا من تجربته في مكافحة هذه الظاهرة التي أصبحت تؤثر على يومياته المهنية في كتابة الأخبار قائلا : “إن انتشار الأخبار المظللة سواء أكانت مكتوبة أو سمعية أو بصرية، فأعمد على مجابهتها عبر تفحص المواقع الرسمية والوكالات والقنوات، في نظري تبقى هذه الوسيلة هي وسيلة تحقق مثالية بالرجوع لمصادر الوكالات الموثوقة، لكن المشكلة في رأيه تبقى : “في أن تلك الأخبار الزائفة تكون قد انتشرت بشكل كبير لدى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لذا فإن مواجهتها تبقى متأخرة نوعا ما وقد تكون قد فعلت فعلها فيما يمكن أن نسميه الرأي العام الهش الذي يعيد نشر أي معلومة منتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو يصدقها لأنها منشورة فقط !، وهنا فمن الصعب برأيه : ” التحقق من بعض الأخبار الكذابة خاصة إذا كانت مركبة حيث يتم فيها إدماج الصورة المتحركة مع صوت مولد بالذكاء الاصطناعي، لأن ذلك يتطلب ربما عتادا غير متوفر للصحفي ” حسب قوله .
كما نبه ذات الصحفي من مغبة انتشار ظاهرة الاخبار الكاذبة وانعكاساتها على مهنة الصحافة والمجتمع حيث اعتبرها “آلة حربية خطيرة” يتم بها استهداف المجتمعات والدول مؤكدا في هذا السياق : ” تبقى هذه الاخبار الزائفة إشكالية كبرى وخطيرة في ظل تحول الإعلام لسلاح فعّال في الحروب الجديدة من الجيل الخامس، التي تستعمل هذه المواد لزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد في مسائل حساسة كقضايا الهوية أو في تشويه صورة البلد و بث الشقاق بينه و بين دول وشعوب مجاورة “.
بذكر التهديدات التي أصبحت تشكلها هذه الاخبار الزائفة ضد المجتمعات و الدول، أخذت أيضا السلطات الأمينة والعسكرية بالجزائر على عاتقها واجب التحذير من خطورة هذه الظاهرة ذات الحركية المتسارعة في الفضاءات السيبريانية ، حيث تم تنظيم العديد من اللقاءات العلمية والتحسيسية حول هذا الموضوع على غرار المؤتمر الذي نظمته “مديرية الوثائق والأمن الخارجي” ، يوم 30 أفريل الماضي، حول المعلومات المضللة والاخبار الزائفة وتداعياتها على أمن وإستقرار الدول، بحضور رفيع المستوى لمسؤولي وأجهزة الإستخبارات الافريقية وهو مما يؤكد على حجم الأضرار التي يمكن ان تلحقها مثل هذه المعلومات المغلوطة على إستقرار المجتمعات والدول، ومن بين الوجوه التي حضر هذا اللقاء وزير الاتصال ما يؤكد على مكانة وسائل الاعلام في التصدي لمثل هذه الاخبار والمعلومات المضللة”.
ليس فقط جهار الإستعلامات من نبه من خطورة هذه الظاهرة، بل حتى وزارة الدفاع الوطني نشرت فيديو سمعي بصري يوم 27 أوت 2025، تحذر فيه المواطنين من مغبة الانجرار وراء مثل هذه المعلومات المغلوطة، داعية في نفس الوقت إلى تعزيز الوعي الرقمي لدي المواطن من أجل التصدي لمثل هذه الظاهرة الخطيرة .
الاستعانة بالذكاء اصطناعي لمجابهة الأخبار الكاذبة
من بين الاسراتجيات التي تتبعها المنصة الجزائرية المختصة في الحد من الأخبار الزائفة و المسماة كما أسلفنا الذكر بـ : منصة “مكافحة الإشاعات والأخبار الكاذبة Alegria Check “، حيث يستعرض علينا مديرها التحريري وليد كويني، تجربة فريقه في معالجة هذه الظاهرة، فالمنصة تستهدف في المقام الأول حسبه : “التحقق من الأخبار والتوعية بخطورة الإشاعات والأخبار الكاذبة، على مساعدة الصحفيين من التثبت من الاخبار المنتشرة وكذلك تنبيه المجتمع الجزائري من مغبة إعادة نشر مثل هذه المعلومات الكاذبة”، ويتبع هذا المنبر ، -حسب كويني- ” منهجية متقنة لكشف الاخبار الزائفة والمضللة عدة خطوات يراها –كويني– أساسية من أجل الكشف عن المحتوى الزائف والخاطئ، حيث يتم الاعتماد : ” أولا على المصادر الموثوقة للتحقق من الأخبار المنتشرة، لننتقل إلى مرحلة أخرى وهي تفعّيل شبكة العلاقات التي يستخدمها أعضاء فريق العمل وعلاقتها بميدان الصحافة والاعلام للوصول إلى الطرف أو المسؤول للاستفسار عن أي مشكلة في المعلومة أو الخبر المنتشر، كما أن الفريق الذي تتكون منه المنصة”، هم شباب قادرون على التحقق من الأخبار بالعديد من اللغات، ليس هذا فقط بل فتحنا المجال لمساهمات العديد من الأساتذة الأكاديميين، وخبراء في السياسة، الإعلام، الطب، التكنولوجيا، الأمن السيبراني، وغيرهم، وهذا يُساعد كثيرا في التحقق من الأخبار الكاذبة” ، ففي المنصة -حسب قوله – “نعمل بشكل مشترك مع الشبكة العربية لمدققي المعلومات ” AFCN” التي تضم عدد كبير من مدققي المعلومات في العالم العربي، كما نعمل على مواكبة تطور عمل تدقيق المعلومات والأخبار بالتعاون و التنسيق مع الشبكة الإفريقية لمدققي المعلومات AFRICA CHECK من أجل الوصول إلى الأخبار التي تتعلق بالقارة الإفريقية”.
و يٌقسم مؤسس ” Alegria Check ” ، مجابهة الأخبار المضللة إلى شقّين، يتمثل الشق الأول في : “تدقيق المعلومات قبل النشر”، وهذا دور يجب أن تتحمله كل مؤسسة إعلامية من خلال فرق تحريرها، عبر تكوين الصحفيين على تقنيات التحقق، أما الشق الثاني فيرتكز على خاصية : “تدقيق المعلومات بعد النشر”، أي بعد أن تنتشر المعلومة بين الناس، وهنا يأتي دور فرق أو منصات تدقيق المعلومات المتخصصة، والتي تتحرك بشكل مستقل لرصد الأخبار المنتشرة وتحليلها”.
كما توفر منصة Alegria Check، للصحفيين الجزائريين إضافة إلى الخطة العملية المعتمدة من أجل التدقيق من الأخبار، على نموذج للتدقيق من الأخبار مدعوم بالذكاء الاصطناعي لمرافقة هذه المجهودات، وهي نسخة تجريبية تسمى بـ : ” BotchAI By ALGERIA CHECK”، وحينما تلج إلى المنصة المعتمدة تجد نموذج الذكاء الاصطناعي في الجهة اليسرى من الموقع الالكتروني، معرفا نفسه بالشكل التالي: “مرحبا، أنا نموذج ذكاء اصطناعي يساعد في تدقيق المعلومات، مطور من قبل آلجيريا تشيك، إذا كان لديك أي خبر أو معلومات ترغب في التأني”.
ويقول كويني حول هذه الخطوة: “أن فكرة الاستعانة بالذكاء الاصطناعي ناجمة عن حاجة ملحّة في ظل انتشار واسع للأخبار الكاذبة وقلة عدد المدققين المتاحين. لذلك صممنا نسخة ” BotchAI“، كأداة جزائرية متخصصة في التدقيق من المعلومات، مربوطة بقاعدة بيانات algeriacheck.net التي تضمّ أرشيفاً من المصادر والمنهجية والتحقيقات السابقة، وهو ما يتيح هذا الربط للصحفيين، فرزاً أولياً سريعاً لأي نص أو رابط قبل النشر، مع تحديد النقاط المشتبه فيها، الوصول المباشر إلى المصادر الأصلية في قاعدة البيانات، بدون البحث اليدوي الطويل، إضافة إلى صياغة تقارير تدقيق جاهزة للنشر، كما تتضمّن ملخصاً للملاحظات وخطوات التحقق المقترحة حسب منهجية التدقيق من المعلومات، بهذا الشكل يرى كوني بأنه يختصر على زملائه الصحفيين ساعات من العمل اليدوي ويزيدون من دقة تقاريرهم قبل النشر”.
( Fake news) .. الجريمة و العقاب
تبقى تأثيرات الأخبار الكاذبة أو الزائفة –Fake news – بالغ الخطورة على استقرار المجتمع، فهي تزرع الشك، وتنشر الخوف أو التحريض، وتؤدي في بعض الأحيان إلى تفكك الثقة بين مكونات المجتمع نفسه، فهذا النوع من الأخبار يقول صاحب منصة (Algeriacheck) يمكنها أن تُستغل في خلق أزمات مصطنعة أو تأجيج الصراعات أو ضرب المعنويات، خاصة في أوقات الأزمات السياسية أو الصحية أو الأمنية، فهذه الخطورة التي تتميز بها مثل هذه المعلومات وطريقة انتشارها تتطلب عناية قانونية وتشريعية للحد من الظاهرة الاجتماعية المتفشية.
فكما هو معروف فإن المادة القانونية لا تولد من فراغ بل هي ابنة المجتمع كما يقال، و بدوره تحرك المشرع الجزائري لضبط هذه الظاهرة و الحد من تفشيها وانتشارها ومواكبة التحولات الحاصلة على مستوى الظاهرة، حيث أصبح انعكاسها واضحا على الأمن المجتمعي للأفراد والجماعات، ولحماية الجميع من خطورة هذه الأخبار الكاذبة ، أصدر قانون العقوبات الجزائري لسنة 2020 رقم 20-06 والمؤرخ في 28 أفريل من تلك السنة، عقوبات صارمة ضد المروجين والناشرين لهذه الاخبار الكاذبة وهو ما جاء في المادة 196 مكرر من القانون، حيث صنفها كجريمة “يعاقب فيها بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبغرامة مالية من 100.000 دج إلى 300.000 دج كل من ينشر أو يروج عمدا بأي وسيلة كانت أخبارا أو أشياء كاذبة أو مرفوضة بين الجماهير من شأنها المساس بالأمن العمومي أو النظام العام”، كما تتضاعف العقوبة في حالة أعد أي شخص أو جهة نشر مثل هذه الاخبار حسب ما يتضمنه القانون .
ويعتبر الردع القانوني والتشريعي سبيل من سبل مكافحة هذا النوع من الاخبار التي أصبحت تُشكل هاجسا بالنسبة للمجتمع وتشكل أيضا خطرا حقيقيا على مهنية العمل الصحفي مثلما أكده وليد كويني، ” فهي تشوش على عملية جمع المعلومات وتضع الصحفي تحت ضغط السبق والسرعة، مما قد يؤدي إلى نقل أخبار غير دقيقة أو حتى زائفة دون قصد”، هذا الوضع حسب كويني : “يتعادى مهنة الصحافة فهو لا يضر فقط بسمعة الصحفي، بل يهز الثقة التي تربطه بجمهوره، ويجعل من المؤسسات الإعلامية هدفًا للانتقاد والتشكيك، في ظل هذا السياق، يصبح الصحفي أمام مسؤولية مضاعفة: حيث يستجوب منه : ” أن لا يكتفي بنقل المعلومة فقط، بل يجب أن يكون أيضًا مدققًا لها، متحريًا للدقة والصدق والموضوعية، وهي القيم الأساسية لأخلاقيات المهنة حتى لا يكون الصحفي ضمن دائرة الفئة التي يطالها القانون بجريمة نشر الاخبار الكاذبة “.
من السبق الصحفي إلى النشر المتأني !
بإستعراض كل هذه الآراء المهنية والأكاديمية في مجال علوم الاعلام والاتصال والصحافة، وفي ظل زمن يتسم بالسرعة في نقل المعلومات والأخبار بشكل متدفق وضخم، يبرز صوت جديد في عالم الصحافة اليوم و هو يتحرى التأني في نشر الأخبار بشكل هادئ ودقيق، يطلق عليه المختصون أسماء عديدة على غرار “الاعلام المتأني” أو “الصحافة المتريثة”، أو “الاعلام الهادئ”، هي كلها أسماء لصفة واحدة مرتبطة بالتريث في نشر الأخبار المربوطة بالمسؤولية المهنية والاجتماعية للصحفي، يقول في هذا الصدد : البروفيسور باديس لونيس في تصريح لنا: “جيد أنكم أشرتم إلى هذا النوع أو المفهوم الجديد من الصحافة؛ والذي ولكي نستوعبه جيدا علينا ألا ننظر إليه كمجرد ردة فعل آلية عن التسارع المذهل في انتاج واستهلاك الخبر وتآكله ورميه في سلة المهملات كما يحدث على منصات الميديا الجديدة “.
كما دعا إلى أن وضع هذا النوع من الصحافة في سياقها العام الذي ارتبط بالحداثة نفسها ثم بما بعد الحداثة حيث صار التسارع يفوق كل استيعاب: ” الامر الذي أسترعى اهتمام المنظرين لتدارسه، وعلى رأسهم الفيلسوف الألماني هارتموت روزا الذي ألف كتابا يحمل اسم “التسارع الاجتماعي. نظرية جديدة للحداثة”.
وأضاف المتحدث : ” إن الصحافة المتأنية هي نوع من المقاومة لهذا التسارع؛ إذ أنها تدخل تحديا قويا لأثبات الوجود وهي بذلك تراهن على قارئ ناقم على الوضع القائم الذي افرزته شبكات التواصل الاجتماعي، قارئ ناقد لديه من القدرة على الدخول في التحدي هو الآخر”.
كما أكد على ضرورة أن يقوم الصحفي بالتأقلم مع المستجدات التكنولوجية الجديدة من خلال التحكم في ” صحافة البيانات والتي إعتبرها نوع من أنواع الصحافة المتأنية هذه، إضافة إلى التحقيقات والاستطلاعات المطولة والمواد التوثيقية التاريخية أو المقالات التحليلية بمختلف انواعها خاصة منها التي تتعلق بالمواضيع العلمية والاستشرافات المستقبلية”.
أما فيما يخص السبق الصحفي كمفهوم ميّز الصحافة التقليدية ومدى فاعليّته في عصر سريع ومتدفق من حيث المعلومات والأخبار، يؤكد البروفيسور لونيس، أنه: “يمكن للسبق الصحفي أن يتكيف اليوم مع الراهن ومسايرة المستجدات، فالمعلومة الحصرية التي ارتبطت بقيمة الزمن والحدث والخبر والسرعة في نقلها، صارت مرتبطة أيضا بنوع الحدث وثقله؛ أي بعبارة أخرى يمكن أن يقوم الصحفي بتحقيق مطولة ويكشف عن أمور لم يسبقها فيها أحد ضمن ما يسمى فالصحافة المتأنية” التي أصبحت محل اهتمام الجميع اليوم.